Wednesday, June 21, 2006


إلي جانب بيل كلينتون، وكيم جونج، وعلي الحسيني السيستاني، وبن لادن، وعمرو خالد وقفت ايان علي أطراف صورة تحمل ملامح أكثر مائة شخصية تأثيرا في العالم. ولكن من هي تلك الفتاة وما سر عدائها الدامي للإسلام ، وكيف تحولت من مربية أطفال إلي عضوه بالبرلمان؟ تلك هي نفس التساؤلات التي تحيط بايان أينما ذهبت.أنها "ايان هيرسي علي" تلك الفتاة السمراء صومالية الأصل، التي تبلغ من العمر 35 عاما ، عدائية الحس للإسلام، فعلي الرغم من أنها من أصل إسلامي إلا أن ردتها خلقت منها عدوا للإسلام في الغرب.
سر الهروبأصبحت مثار للجدل والتساؤل بعدما كانت مجرد طالبة هاربة من بلدها لترتمي في أحضان أوربا، وقررت أن تطالب للجوء السياسي إلي هولندا في ظل المجاعة التي يعاني منها الشعب الصومالي، ولكنها وبعد سنوات قليلة أصبحت عضوا بالمجلس البرلمان الهولندي.ورغم الانتقال غير المنطقي في حياة ايان، إلا أن البعض أرجع السر في ذلك إلي أعلانها الدائم عدائها للإسلام، ومحاولتها نشر سمومها العدائية في كل مكان، سواء خلال حديثها الخاوي من الحقائق أو من خلال كتابتها لسيناريوهات أفلام سينمائية والتي راح علي يدها المخرج الهولندي" ثيو فان خوج" الذي قتل قبل عامين بسبب أخراجه لفيلم الخضوع " الذي أثار مشاعر المسلمين مما دفع احد الشباب لإهدار دمه، في الوقت الذي فشلت الأيدي النيل من أيان .هذا بالرغم من أصول ايان الإسلامية حيث ولدت بمدينة "مقديشيو" بالصومال، لعائلة مسلمة تنتمي لقبيلة الداردود. وكان والدها "هيرسي ماغان" من زعماء الثوار المعادين للدكتاتور الماركسي الصومالي ـ في ذلك الوقت ـ "محمد زياد بري".وكانت طبيعة اتجاهات والدها السياسية دائما ما تقذف به إلي السجن، حتى أنها رأته لأول مرة بعد بلوغها السادسة من عمرها.
الانتقال السريوبعد ذلك بعامين فرت ايان مع أسراتها نظرا لنشوب الحرب الأهلية في الصومال؛ إلى المملكة العربية السعودية، ومنها إلي إثيوبيا، ثم إلى كينيا. ولنيروبي محطة خاصة في حياة ايان، حيث التحقت هناك بمدرسة ثانوية للفتيات المسلمات؛ وكانت ايان صاحبة نشاط بارز بالمدرسة مما رشحها للحصول علي جائزة الطالبة المطيعة، وهي من أكبر الجوائز هناك وتعد بمثابة الطالبة المثالية علي مستوي مدارس نيروبي.
المراهقة..حجاب وصلاة ودعوةكان ذكاء ايان وحماسها الخفي لشئ ما يدفعها دائما للتعرف علي الثقافات والمجتمعات الأخرى، وهذا ما دفعها لإتقان عدة لغات منها العربية والسواحيلية والإنجليزية والأمهرية خلال ثلاثة أعوام فقط . ارتبطت ايان في مرحلة المراهقة بمعلمتها الإيرانية الأصل، وأصبحت هي قدوتها في كل شيء وكانت "الأخت عزيزة" كما ينادونها، صاحبة تأثير هائل عليها؛ فتعلمت علي يدها كيف تكون مسلمة حقيقية بأن تؤدي الصلوات الخمس يوميًّا، وأن ترتدي الملابس الطويلة السابغة. كانت الأخت عزيزة تصحب فصلها في رحلات خارج المدرسة إلى السفارة الإيرانية؛ حيث تقدم للفتيات المشروبات والفطائر إلى جانب محاضرة إيرانية.وفي الحال قررت ايان ارتداء الحجاب، وأصبحت لها أفكار متعصبة، وتحولت ايان إلي داعية تفرض الحجاب علي كل من تعرف خاصة أخواتها، وأخذت تحث الجميع علي نيل الشهادة .فرحت والدتها ـ وهي مسلمة سنية مثل معظم الصوماليين الآخرين ـ بتدين ابنتها، وإن كانت أزعجتها وجهات نظر ايان الشيعية المتعصبة. في حين استمرت ايان في تمسكها بنهجها الورع، بل والمتعصب من الإسلام.
الانقلابفي وقت لاحق بدأت فكرة التفرقة بين الرجال والنساء في الإسلام تشغل بال ايان وتورقها، تبين لها ذلك بوضوح عندما وافق والدها على زواجها من قريب بعيد لها - لا تكاد تعرفه- يحمل الجنسية الكندية. هذا بالإضافة إلى ذكريات ختانها في الخامسة والتي أصرت عليه جدتها.تزوجت ايان من هذا القريب ـ عام 1992 ـ وكانت في الثالثة والعشرين من عمرها, وتبعته في وقت لاحق إلى كندا. وخلال مرور عابر لها بألمانيا قررت عدم الرضا بالمستقبل الذي ينتظرها، وبدلا من أخذ الطائرة إلى كندا ركبت القطار، وفرت إلى هولندا.
حدث في هولندافور وصولها تستقرّ في مأوى للمهاجرين وتحصل على اللجوء السياسي وتنخرط في حياة متسارعة الوتيرة؛ انتقلت من العمل كخادمة ومدبّرة منزل إلى العمل كمترجمة في مكاتب الخدمات الاجتماعية التي تعنى بالنساء اللواتي هجرن منازلهن هرباً من عنف أزواجهنّ أو آبائهنّ.كما تنكبّ على متابعة دروس في العلوم السياسيّة وتنضمّ إلى حزب العمل. ويبدأ نجمها بالسطوع. وبعد فترة انضمت إلى وعاء الفكر التابع لحزب العمال الهولندي.بعد ذلك بأسابيع قليلة وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ فانتابها تفكير متواصل في فكر "محمد عطا" وتعصبه؛ فقد سبق لها أن كانت في مثل تعصب "محمد عطا"، تقول ايان: "لو كنت رجلا وخضعت لنفس ظروفه لفعلت ما فعله؛ فقد كانت أفكاره هي نفس ما اعتدت أن أؤمن به". في عام 2002 أصبح ل ايان حضور إعلامي متكرر؛ فقد كان المجتمع الهولندي في حاجة لمزيد من فهم عقلية المهاجرين، وكانت ايان واحدة ممن كان لهم السبق في تولي قيادة ذلك الأمر، وخاصة بعد انتقالها من وعاء الفكر العمالي إلى وعاء الفكر التابع للحزب الليبرالي المحافظ، وقد بررت ذلك الانتقال بعدم توفر ما يكفي من الدعم لانتقاد النتائج المترتبة على خصائص اجتماعية وثقافية معينة لبعض جماعات المهاجرين.
قالت ايان...الإسلام دين لا يسمح لأحد أن ينتقده، ويلاحق ويقتل كل من يفعل ذلك، هذا ما قالته ايان، وتستطرد حديثها قائلة " إن الله عطوف رحيم في المفهوم الغربي، ولكن عند المسلمين فالله شيء آخر؛ حيث أن الإنسان يأتي إلى الحياة من اجل الحياة الأخرى ما بعد الموت.وعندما ذكر السياسي الراحل "بيم فورتاون" ـ في عام 2002 ـ أنه يعتبر الإسلام دينا متخلفًا، أيدته قائلة: إنه فيما يخص قضايا معينة مثل معاملة النساء؛ فإن ذلك لا يمثل رأيًا، وإنما حقيقة. من ذلك الحين فصاعدا أصبح ظهور ايان في الأجهزة الإعلامية متواترًا، وبدأ رجال الدين المتطرفون والمتعصبون في تهديدها، كما تلقي والدها "هيرسي ماغان"؛ الذي يعيش في إنجلترا ـ بدوره ـ عديدا من التهديدات؛ ليس فقط من هولندا، وإنما من دول أوروبية أخرى أيضا.
الخضوعغير أن اسم "ايان هيرسي علي" سيظل مرتبطًا على الدوام باغتيال المخرج "ثيو فان خوخ"، في 2004، حيث أخرج "فان خوخ" فيلما لها تحت اسم "الخضوع ـ الجزء الأول"؛ الذي يستغرق إحدى عشرة دقيقة. يعالج الفيلم أربع قصص حول العنف ضد النساء والآيات القرآنية؛ التي استخدمت أو يمكن أن تستخدم في تبرير ذلك العنف. جرى ظهور تلك الآيات القرآنية على جسد شبه عار لامرأة أسيئت معاملتها. كان إنتاج ذلك الفيلم السبب ـ جزئيًّا ـ في وفاة "فان خوخ"؛ فقد أطلق شاب مغربي مسلم في السادسة والعشرين من عمره الرصاص عليه، ثم طعنه حتى الموت. لم يكن قد مر عام على تعارف ذلك المخرج بـ ايان، ومنذ تلك اللحظة اضطرت ايان للاختباء؛ حيث اختفت لبعض الوقت في أماكن سرية، كان من بينها الولايات المتحدة الأميركية، وقاعدة بحرية في أمستردام.و تقول ايان عن ذلك " في الواقع لقد خطوت خطوه فيها من الخطر على حياتي عندما حكموا علي بالموت لأنني دخلت بصراع فكري موضحه الأخطاء بعد حادثه الحادي عشر سبتمبر، ويلوموني المفكرون الغربيون على ذلك لأنني كنت واضحة وصريحة .والأكثر أثاره حادثه القتل التي قتل بها المخرج الهولندي حيث أصبح عندي قناعه كاملة ومطلقه أنني أريد أن اعبر عما أفكر به دون أن يوقفني احد ولي شركاء كثيرون منهم سلمان رشدي ، وارشاد مانجي، وتاسليما نسرين، ومحمد أبو زيد . والغريب في أمرنا جميعا إننا محميون من قبل النصارى أليس هذه مفارقه مسلمون محميون من قبل النصارى والمسلمون ينعتوهم بالمشركين.توجه انتقادات كثيرة لـ ايان لما تعلنه من آراء، ليس فقط من جانب كثير من المسلمين، وإنما أيضا من جانب المؤمنين من الهولنديين بالتعددية الثقافية؛ الذين يعتبرون ملاحظاتها مسيئة وبغيضة للغاية؛ لتطرفها الشديد، وعدم مساهمتها في حمل الناس على التعايش معا.
التحرير من الإسلام!تستثير ملاحظاتها الجريئة المسلمين المعتدلين أيضا، والذين يتزايد وقوفهم ضدها. أصبح كثير من هؤلاء المسلمين ـ الذين كانوا يتفقون أساسا معها ـ يشعرون الآن بالغضب والانزعاج من جراء تصريحاتها. من المؤكد اعتبار آرائها مسيئة لبعض المسلمين، غير أن حقيقة جرأتها في انتقاد أساسيات معينة في الإسلام وفي الثقافة الإسلامية يجعلها شخصية مثيرة للاهتمام.اختارت مجلة تايم ايان كواحدة من أكثر الشخصيات المائة تأثيرًا في العالم. على الرغم مما تواجهه ايان من تمني الكثيرين موتها وتهديدها بذلك؛ فإنها مازالت ماضية في طريقها. انتهت ايان هيرسي من كتابة سيناريو الحلقة الثانية من "الخضوع"؛ الذي سيعالج رفض الإسلام للمثليين."إني لست نادمة على أي شيء، تقول ايان هيرسي علي وهي تحدّق مباشرة في عينيك. أتابع ما أقوم به. هدفي الوحيد هو تحرير النساء من دين وثقافة يناصبانهنّ العداء". وقد جعلت عنوان أحد فصول كتابها "عشر نصائح للمسلمات اللواتي يردن الفرار".لذلك كله ذكرتني ايان كثيرا "بجميلة" ألد أعداء الرسول صلي الله عليه وسلم .